أكدت دراسة في طب الأسرة والمجتمع
أن موضوع ( زرع الثقة في نفس الطفل) سواء أكان ذلك في البيت أو المدرسة أمر في غاية الأهمية، وأن تعزيز مفهوم
الذات لدى الأطفال مفتاح للشخصية السوية والطريق الأكيد نحو النجاح في الحياة الأكاديمية والعملية
إن المقصود بمفهوم الذات الصورة التي نكونها عن أنفسنا منذ الصغر وما يرتبط بهذه الصورة من إحساس بالرضا أو عدم
الرضا، أو ما يسمى بتقدير الذات، مؤكداً أن من أهم الأسباب لتدني التحصيل الدراسي لدى التلاميذ هو تدني مستوى
مفهومهم لذاتهم وتدني ومستوى تقديرهم لهذه الذات
إن مفهوم الذات لا يولد مع الطفل، ولا يرثه عن أبويه كما يرث لون عينه وشعره وإنما يكتسبه من البيئة حوله من خلال
تفاعله مع الآخرين وخاصة الأشخاص المهمين بالنسبة إليه
وضرب مثالاً في أن الطفل الصغير لا تكون لديه صورة مستقلة عن ذات، وعندما يرى نفسه في المرآة يعتقد أنه يرى
طفلا آخر، ولا يدرك أنه ينظر إلى نفسه، ولكن منذ الشهر التاسع يبدأ يميز ذاته تماما
والدليل على ذلك بوضع علامة ما على وجه الطفل ثم نجعله ينظر إلى وجهه في المرآة نرى أن الطفل يضع يده على
مكان العلامة في وجهه، وعندما يكبر الطفل تدريجيا تتبلور صورته عن ذاته وإحساسه بالرضا أو عدم الرضا عنها من
خلال تفاعل الأسرة معه، فإذا سمع الطفل من أبويه أنه ذكي، شاطر، سريع التعلم، وعومل معاملة أساسها المحبة
والقبول والتقدير فإنه سوف يحب نفسه ويثق بها، وعلى العكس من ذلك إذا عومل معاملة قاسية، كلما اخطأ أو فشل
قوبل بالرفض والضرب تعلم أنه يكره نفسه ويفقد الثقة بها ويشعر بالإثم والذنب تجاه نفسه
وعندما يكبر الطفل ويدخل المدرسة يأتي دور المدرسة ليكرس الصورة التي كونها الطفل عن نفسه أو ربما لتصحيحها
في بعض الأحيان عن طريق الأساليب التربوية التي يتبعها المعلم في الصف
إن مفهوم الطفل لذاته يكون مرنا وهو صغير، وكلما كبر الطفل اتجه مفهومه نحو الثبات والرسوخ
وأنه من المهم جدا أن نبدأ في تطبيق برامج تنمية الثقة بالنفس وتنمية مفهوم الذات مع الأطفال منذ الصغر، وكذلك على
الآباء والمعلمين أن يطبقوا الأساليب التربوية الصحيحة في التعامل مع الطفل منذ نعومة أظفاره لأن تأثيرها يكون ناجحا
عندما يكون التدخل مبكرا
لكن مع الأسف أن الآباء والمربين يستخدمون أساليب تربية خاطئة مع الطفل دون قصد بحيث يزرعون الخوف والقلق
وعدم الثقة في نفوس الأطفال، فنرى أن عددا من الآباء يستخدمون أسلوب الضرب والعقاب البدني أو إثارة الألم
النفسي أو أسلوب التذبذب في المعاملة أو التدليل المفرط